ركوب الخيل، كرة القدم، كرة السلة، الكشافة، التنس، وكثير من الأنشطة والألعاب يراها كثير من الآباء والأطفال مفيدة، إلا أن نسبة من الأطفال يرغبون فجأة في التوقف عن النشاط الذي يمارسونه مما قد يصيب آباءهم بالإحباط الشديد. هل في هذه الحالة نشجعهم على العودة لممارسة النشاط أم ننظر للموضوع ببساطة ونترك الطفل يفعل ما يريد؟
هذه في الغالب إحدى أصعب المشاكل التي تواجه الآباء. فبعض الآباء يطمحون في أن يكون أطفالهم متميزين ويدفعونهم للأسف بشكل مبالغ فيه نحو هذا الاتجاه مما قد يضع الطفل تحت ضغط نفسي شديد. نحن لا نتوقع من أطفالنا أن يعرفوا دائماً ما يريدون، ونحن نتفهم معنى احتياج الإنسان لاختبار نفسه وتجربة أشياء مختلفة.
لكن في نفس الوقت، معظمنا قد تعلم على مدار حياته أن المثابرة توصل إلى النجاح ، وأن التمكن من مهارة معينة أو تنمية الموهبة من أجمل الأشياء في الحياة. من الصعب أن نشاهد طفلاً صغيراً يتنقل من نشاط إلى نشاط ومن لعبة إلى لعبة دون أن يُمنَح الوقت لكي يلتقط أنفاسه ويفكر في الفائدة التي ستعود عليه من هذا النشاط أو من هذه اللعبة.
عندما يواجهك مثل هذا الموقف، من المهم أن تعرفي أولاً لماذا يريد طفلك التوقف عن النشاط الذي يقوم به. ربما هناك مشكلة بسيطة يمكن حلها. ربما الحديث مع المدرب عن المشكلة قد يساعد في حلها أو ربما كل ما في الأمر أن طفلك مرهق. وهناك احتمال أن الطفل مثقل بكم من الأشياء التي عليه القيام بها من مذاكرة وعمل واجبات مدرسية. في كل الأحوال، التحدث مع الطفل ومناقشته سيساعدك على فهم وجهة نظره وسيساعده هو على فهم وجهة نظرك أنت.
إذا لم يعد طفلك يستمتع بالنشاط، حاولي التحدث معه ومناقشة الأمر بهدوء، فربما خلال هذا الموسم لم يكن النشاط الذي يمارسه طفلك في النادي على المستوى المطلوب، أو ربما قد توقف مستوى طفلك بشكل مؤقت عند حد معين وأن الأمور ستتحسن في المستقبل. ذكريه كيف كان يستمتع بالنشاط من قبل وكيف يمكنه الوصول لهذا الاستمتاع مرة أخرى.
المناقشة مفيدة – ناقشي مع طفلك ما النشاط الذي يفضله، استمعي له، اعرضي عليه أفكار، وأظهري له كيف يمكنه أن يتصرف إذا ما قابل مثل هذا الموقف في حياته. اشرحي له كيف يجب عليه أن يفهم احتياجاته ورغباته، وكيف يمكنه بمهارة أن يزن ما بين الفرص التي تجيئه وكيف يتوقع النتائج. في النهاية، تجنبي النظر إلى طفلك على أنه فاشل، واعلمي أن عملية تعلم الطفل تحديد موهبته أو مهارته مسألة تستغرق وقتاً طويلاً ربما طوال العمر. ستفيدين طفلك أكثر إذا ساعدتيه على أن يتخذ القرار بنفسه بدلاً من أن تأخذيه أنت بدلاً منه.
نصائح للوالدين:
• الأطفال في سن التاسعة فأقل لا تكون لديهم القدرة الواضحة على اختيار نوعية النشاط الذي سيحبونه. تقول الأبحاث أنه لا بأس أن يترك الطفل في هذه السن الهواية أو اللعبة التي يمارسها إذا وجد أنه لا يستمتع بها. وترك اللعبة في هذه الحالة لا يعنى أكثر من "هذا لا يمتعني". ولا يعنى ترك الطفل للعبة أو نشاط معين أن هذا طبع فيه وأنه عندما سيكبر سيترك كل وظيفة يتولاها.
• لا تجبري الطفل أبداً على الاشتراك في نشاط أو لعبة معينة. فمحاولة إجباره لن تؤدى إلا إلى شعوره بقلق قد يجعله متردداً في محاولة خوض أي تجارب أخرى.
• اشركي الطفل في اتخاذ القرار بخصوص تجربة أنشطة جديدة بدلاً من أن تقرري من نفسك النشاط الذي تعتقدين أنه سيمتعه. في نفس الوقت، يقول الخبراء أن الطفل عادةً تفوق توقعاته الحقيقة بخصوص مدى استمتاعه باللعبة أو النشاط الذي سيمارسه.
• بالنسبة للطفل الأكبر سناً، تكلمي معه مسبقاً عن المدة المناسبة التي سيجرب فيها أي نشاط جديد.
• ضعي في اعتبارك أن تردد طفلك ما بين استكمال نشاط معين أو التوقف عنه قد يكون نتيجة لشعوره بالإرهاق. كثير من الأطفال لديهم العديد من المهام التي يقومون بها ويحتاجون وقت أكثر للاسترخاء والراحة، فالمسألة ليست تعذيب، فلن يستمتع الطفل بشئ يرهقه ويفوق احتماله. فالوقت الحُر الغير مخطط خلال اليوم بالإضافة إلى حصول الطفل على قسط كاف من النوم أمران ضروريان لصحة الطفل الذهنية والعضوية.
• عندما تُعطَى الأطفال الفرصة للعب الحُر، يتعلمون بهذا التحكم في أنفسهم وتنظيم أمورهم من خلال الاختيارات التي يختارونها هم خلال هذا اللعب. هذا جزء هام في تطور الطفل.
• إذا خططت لطفلك كل دقيقة في يومه ولم تتركي له الاختيار أو فرصة اللعب الحُر إلا في أضيق الحدود، أنت بذلك تحرمينه من فرصة تنمية مهارة هامة وهى ضبط النفس والتنظيم. لذا لو رأيت طفلك لا يفعل شيئاً، يجلس على الكنبة ويسرح في الفضاء أو يقوم بعمل سباق بسيارته اللعبة تحت ترابيزة السفرة أو حتى يعيد قراءة مجلة للمرة الألف، اتركيه. فكل ما يفعله هو أنه يحاول أن يعيش طفولته لبعض الوقت.
المصدر: النفسي معا لبر الامان